متابعة - شبكة قُدس: طالبت وزارة الحقوق الاجتماعية وشؤون المستهلك في إسبانيا سبعة مواقع سياحية بحذف مئات إعلانات الإقامة التي تروّج لبيوت وشقق تقع في مناطق خاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالضفة الغربية، في خطوة تُعد سابقة على مستوى السوق الإسبانية. وأوضحت الوزارة، التي يترأسها الوزير بابلو بوستيندوي، أنها أنهت تحقيقا رسميا أسفر عن رصد عشرات الإعلانات المخالفة، لتصل الحصيلة النهائية إلى 138 إعلان إقامة منشورة عبر سبع منصات وساطة سياحية دولية تنشط داخل إسبانيا.
وبناء على نتائج التحقيق، وجّهت الوزارة رسائل إنذار أولية إلى عدد من الشركات متعددة الجنسيات، أبلغتها فيها بوجود محتوى غير قانوني على مواقعها الإلكترونية، يتمثل في عرض خدمات إقامة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، مطالبة بإزالة أو حجب هذه الإعلانات بشكل فوري. وحذرت وزارة شؤون المستهلك، في بيان رسمي، من أن عدم الامتثال لهذه المطالب قد يعرّض الشركات المعنية لإجراءات إضافية، من بينها فرض عقوبات إدارية أو اتخاذ خطوات قانونية لاحقة.
وتستند الخطوة الإسبانية إلى مرسوم طوارئ ملكي أُقر أخيرا، ويهدف إلى اتخاذ تدابير عاجلة على خلفية الحرب على غزة، وفي إطار ما وصفه المرسوم باتخاذ إجراءات داعمة للسكان الفلسطينيين. وينص المرسوم، في مادته الرابعة، على اعتبار أي إعلان عن سلع أو خدمات مصدرها المستوطنات الإسرائيلية المقامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة إعلانا غير قانوني، بما يشمل خدمات الإقامة السياحية.
وأفادت الوزارة بأن الإعلانات التي جرى رصدها تتعلق بإقامات تقع في مدن ومناطق مرتبطة بأكثر من 200 رمز بريدي تعود لمستوطنات إسرائيلية، وفقا لما ورد في السجل الرسمي للدولة الإسبانية، الذي نُشر مطلع الأسبوع الجاري. واعتبرت أن استمرار الترويج لهذه الخدمات يندرج ضمن ممارسات تجارية تتناقض مع التزامات إسبانيا القانونية والدولية.
وأكدت الوزارة أن التشريع الجديد يأتي انطلاقا من الحاجة إلى اتخاذ خطوات ملموسة من شأنها المساهمة في التخفيف من معاناة الفلسطينيين في المناطق التي تتعرض لهجمات إسرائيلية متواصلة. وأضافت أن هذا الإطار القانوني ينسجم مع الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز الماضي، والذي تناول الآثار القانونية المترتبة على سياسات وممارسات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
وبحسب الرأي الاستشاري، فإن على الدول التزاما قانونيا باتخاذ تدابير تمنع إقامة علاقات تجارية أو استثمارية من شأنها الإسهام في ترسيخ الوضع غير القانوني القائم نتيجة الاحتلال. وعلى هذا الأساس، ترى وزارة شؤون المستهلك الإسبانية أن الإعلانات السياحية التي تروّج للإقامة في المستوطنات تشكل مساهمة مباشرة في تطبيع واقع استعماري غير مشروع بموجب القانون الدولي.
وفي سياق متصل، كانت جمعية القانونيين من أجل احترام القانون الدولي قد تقدمت، في نوفمبر/تشرين الثاني 2025، بدعوى قضائية أمام القضاء الفرنسي ضد إحدى خدمات الوساطة لتأجير الشقق السياحية، بسبب نشرها إعلانات لعقارات تقع في مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية، في مسعى لمحاسبة المنصات الرقمية على دورها في هذا المجال.
ومنذ عام 2019، دأبت منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية أخرى على التحذير من دور منصات رقمية عالمية في الترويج للسياحة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وترى منظمة العفو الدولية أن الترويج للسياحة في المستوطنات، التي يقيم فيها أكثر من 600 ألف مستوطن، يشكل انتهاكا للقانون الدولي ولحقوق الإنسان، وقد يرقى إلى مستوى جريمة حرب. ونقلت المنظمة عن مديرة برامج عالمية فيها أن النماذج التجارية لهذه المنصات تسهم في انتهاكات حقوق الفلسطينيين من خلال استمرارها في ممارسة أنشطة اقتصادية داخل المستوطنات.
وكثفت حكومة الاحتلال، خلال السنوات الأخيرة، استثماراتها في تطوير قطاع السياحة داخل المستوطنات، في إطار مشروع سياسي واضح، يقوم على توظيف المواقع التاريخية والأثرية لتبرير مصادرة الأراضي والمنازل الفلسطينية، وبناء مستوطنات جديدة بمحاذاة هذه المواقع، بهدف ترسيخ رواية تاريخية تخدم سياسات الاحتلال على الأرض.



